الأحد، 22 يناير 2012

عالج أمراضك بالسجود



إذا كنت تعاني من الإرهاق، أو التوتر، أو الصداع الدائم، أو العصبية..
وإذا كنت تخشى من الإصابة بالأورام.. فعليك بالسجود فهو يخلصك من أمراضك العصبية والنفسية..!
هذا ما توصلت إليه أحدث دراسة علمية أجراها د. محمد ضياء الدين حامد (أستاذ العلوم البيولوجية، ورئيس قسم تشعيع الأغذية بمركز تكنولوجيا الإشعاع).
معروف أن الإنسان يتعرض لجرعات زائدة من الإشعاع، ويعيش في معظم الأحوال وسط مجالات كهرومغناطيسية، الأمر الذي يؤثر على الخلايا، ويزيد من طاقته ولذلك كما يقول د. ضياء: "فإن السجود يخلصه من الشحنات الزائدة التي تسبب العديد من الأمراض".
التخاطب بين الخلايا:
هو نوع من التفاعل بين الخلايا وهي تساعد الإنسان على الإحساس بالمحيط الخارجي، والتفاعل معه وأي زيادة في الشحنات الكهرومغناطيسية التي يكتسبها الجسم تسبب تشويشًا في لغة الخلايا، وتفسد عملهاً مما يصيب الإنسان بما يعرف بأمراض العصر مثل الشعور: (بالصداع، والتقلصات العضلية والتهابات العنق، والتعب والإرهاق..) إلى جانب النسيان والشرود الذهني.
ويتفاقم الأمر إذا زادت كمية هذه الموجات دون تفريغها، فتسبب أوراماً سرطانية ويمكنها تشويه الأجنة، لذلك وجب التخلص من هذه الشحنات وتفريغها خارج الجسم بعيدًا عن استخدام الأدوية والمسكنات وآثارها الجانبية.
الحل:
لابد من وصلة أرضية لتفريغ الشحنات الزائدة والمتوالدة بها وذلك عن طريق السجود للواحد الأحد كما أمرنا، حيث تبدأ عملية التفريغ بوصل الجبهة بالأرض، ففي السجود تنتقل الشحنات الموجبة من جسم الإنسان إلى الأرض السالبة الشحنة، وبالتالي تتم عملية التفريغ، خاصة عند السجود على السبعة الأعضاء (الجبهة والأنف، والكفان، والركبتان والقدمان) وبالتالي هناك سهولة في عملية التفريغ.
معلومة عجيبة -سبحان الله-:
تبين من خلال الدراسات أنه لكي تتم عملية التفريغ للشحنات لا بد من الاتجاه نحو مكة في السجود وهو ما نفعله في صلاتنا -القبلة- لأن مكة هي مركز اليابسة في العالم، وأوضحت الدراسات أن الاتجاه إلى مكة في السجود هو أفضل الأوضاع لتفريغ الشحنات بفعل الاتجاه إلى مركز الأرض، الأمر الذي يخلص الإنسان من همومه ليشعر بعدها بالراحة النفسية.
سبـــحان الله!

اغتنم شبابك قبل هرمك



 

الشباب هو زمن العمل، لأنه فترة قوة بين ضعفين، ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة، فمن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك"... (رواه الحاكم وصححه).
قال الإمام أحمد: "ما شبهتُ الشباب إلا بشيء كان في كُمِّي فسقط".
إن الشباب هو وقت القدرة على الطاعة، وهو ضيف سريع الرحيل فإن لم يغتنمه العاقل تقطعت نفسه بعدُ حسرات:
ما قلت للشباب: في كنف الله .. .. ولا حِفْظِه" غــداةَ استقلاّ
ضيف زارنا أقام عندنا قليلا .. .. سوّد الصحف بالذنوب وولى
فمن ثم يسأل الله عز وجل كل عبد من عباده عن نعمة الشباب كيف صرّفه، وبم أبلاه، قال صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه، حتى يُسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وماذا عمل فيما علم؟"... (رواه الترمذي وصححه الألباني).
وعدّ صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: "شابا نشأ في عبادة الله".
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "ما آتى الله عز وجل عبدا علما إلا شابا، والخير كله في الشباب، ثم تلا قوله عز وجل: "قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم"، وقوله تعالى: "إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى" ، وقوله تعالى: {وآتيناه الحكم صبيا}.
قالت حفصة بنت سيرين: "يا معشر الشباب اعملوا، فإنما العمل في الشباب"، وقال الأحنف بن قيس: "السودد مع السواد".
(أي: من لم يسد في شبابه لم يسد في شيخوخته).
وهل كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه إلا شبابا؟!.
وهذا أسامة بن زيد رضي الله عنهما أمّره صلى الله عليه وسلم على الجيش وكان عمره ثماني عشرة سنة، وهذا عتّاب بن أسيد استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على مكة لما سار إلى حنين وعمره نيف وعشرون سنة، إلى نماذج أخرى كثيرة لشباب أبلوا أحسن البلاء في حمل رسالة الإسلام، ونشر نوره في العالمين.
وقال يحيى بن معين لأحمد بن حنبل وقد رآه يمشي خلف بغلة الشافعي: "يا أبا عبدالله تركت حديث سفيان بعلوّه، وتمشي خلف بغلة هذا الفتى وتسمع منه؟ فقال له أحمد: لو عرفت لكنت تمشي من الجانب الآخر، إن علم سفيان إن فاتني بعلوّ أدركته بنزول، وإن عقل هذا الشاب إن فاتني لم أدركه بعلو ولا نزول".
قدم وفد على عمر بن عبد العزيز من العراق، فنظر إلى شاب منهم يتحوّز يريد الكلام، فقال عمر: كبّروا كبروا.. فقال الفتى: "يا أمير المؤمنين إن الأمر ليس بالسن، ولو كان كذلك كان في المسلمين من هو أسنُّ منك. قال: صدقت، فتكلم".
وحكى المسعودي في "شرح المقامات" أن المهدي لما دخل البصرة رأى إياس بن معاوية وهو صبي، و خلفه أربعمائة من العلماء وأصحاب الطيالسة، وإياس يقدمهم، فقال المهدي: "أما كان فيهم شيخ يتقدمهم غير هذا الحدث؟ ثم إن المهدي التفت إليه، وقال: كم سنك يا فتى؟ فقال: سني ـ أطال الله بقاء الأمير ـ  سن أسامة بن زيد بن حارثة لما  ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا فيهم أبو بكر وعمر. فقال له: "تقدم بارك الله فيك".
وذكر الخطيب في "تاريخ بغداد": أن يحيى بن أكثم ولي قضاء البصرة وسنُّه عشرون سنة أو نحوها، فاستصغروه، فقالوا: كم سن القاضي؟ فقال: "أنا أكبر من عتّاب بن أسيد الذي وجه به رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضيا على أهل مكة يوم الفتح، وأنا أكبر من معاذ بن جبل الذي وجه به رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضيا على أهل اليمن، وأنا أكبر من كعب بن سويد الذي وجه به عمر بن الخطاب قاضيا على البصرة، فجعل جوابه احتجاجا له.
وقال أبو اليقظان: ولّى الحجاج محمد بن القاسم بن محمد بن الحكم الثقفي قتال الأكراد بفارس، فأباد منهم، ثم ولاه السند فافتتح السند والهند، وقاد الجيوش وهو ابن سبع عشرة سنة، فقال فيه الشاعر:
إن السماحة والمروءة والـندى .. .. لمحمــد بن القاسم بن محمد
قاد الجيوش لسبع عشرة حِجة .. .. يا قرب ذلك سُوددا من مولد!
ويروى : يا قرب ذلك سُورة من مولد، والسُورة: المنزلة الرفيعة.
ولما جيء بـ"حطيط الزيات" إلى الحجاج قال له الحجاج: أنت حطيط؟ قال: نعم ..سل ما بدا لك فإني عاهدت الله عند المقام على ثلاث خصال: "إن سئلت لأصدقن، وإن ابتليت لأصبرن، وإن عوفيت لأشكرن"، فقال الحجاج: فما تقول فيّ؟ قال حطيط: أقول: إنك من أعداء الله في الأرض، تنتهك المحارم، وتقتل بالظنة. قال الحجاج: فما تقول في أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان؟ قال: أقول: إنه أعظم جرما منك، وإنما أنت خطيئة من خطاياه.
فأمر الحجاج بتعذيبه، حتى انتهى به العذاب إلى أن يشقق له القصب، ثم جعلوه على لحمه وشدوه بالحبال، ثم جعلوا يمدون قصبة قصبة حتى انتحلوا لحمه، فما سمعوه يقول شيئا، ولا بدا عليه جزع أو ضعف.
فأخبر الحجاج بأمره، وأنه في الرمق الأخير، فقال: أخرجوه فارموا به في السوق" ، ووقف عليه رجل وهو بين الحياة والموت يسأله: ألك حاجة؟ فما كان من "حطيط" إلا أن قال: "ما لي من حاجة في دنياكم إلا شربة ماء" ، فأتوه بشربة شربها، ثم مات، وكان ابن ثماني عشرة سنة.
وولي عبد الله بن زياد خراسان وهو ابن ثلاث وعشرين سنة، وليها لمعاوية رضي الله عنه ـ وولي معاذ اليمن وهو بن أقل من ثلاثين سنة.
وحمل أبو مسلم أمر الدولة والدعوة وهو بن إحدى وعشرين سنة.
وحمل الناس عن إبراهيم النخعي وهو ابن ثماني عشرة سنة.
ومات سيبويه إمام النحو، وحجة العرب ، وله من العمر اثنتان وثلاثون سنة.
قال البحتري:
لا تنظرن إلى العباس من صغر      في السن، وانظر إلى المجد الذي شادا
إن النجود نجومَ الأفق أصغرُها      في العين أذهبُها في الجو إصعادا
إن الشباب هم  الشريحة الفعالة في الأمة، وهم عمودها الفقري، وجهازها العضلي، وروحها الحية، وطليعتها الوثابة، ولا يتصور نجاح دعوة أو حركة لا تقوم على حماس الشباب وقوته.

رحمة الحبيب صلى الله عليه وسلم بالخدم والعبيد




كلما قلبت النظر في سيرة وشمائل الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ تجد الكمال في أخلاقه، والسمو في تعاملاته، فكمالات خُلُقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ آية كبرى، وعلم من أعلام نبوته، وقد مدحه الله ـ عز وجل ـ بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}... (القلم : 4).
ومن الكمال الخُلُقي الذي تحلى به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم - خُلُقُ الرحمة والرأفة بالغير، فقد وهبه الله قلباً رحيماً، يرق للضعيف، ويحن على المسكين، ويعطف على الناس أجمعين، حتى صارت الرحمة له طبعا، فشملت الصغار والكبار، والمؤمنين والكفار، والخدم والعبيد.
وقد تجلّت مظاهر رحمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالخدم والعبيد أن جعل لهم حقوقا، وأمر بالرفق بهم، بل وحث على تحرير العبيد من رقهم .
وإذا تتبعنا التوجيهات والتوصيات التي أوصى بها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهم، فسنعرف مقدار الاهتمام الذي حازته هذه الفئة من المجتمع، في وصايا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقد ساهمت هذه الوصايا بشكل كبير في تحرير العبيد، ومن ثم وقفت قيادات قريش في وجه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودينه الذي يدعو إلى تحرير العبيد، وينادي بالمساواة بينهم وبين السادة ..
لقد اهتم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالعبيد في حياته وأوصى بهم خيرا حين موته، فعن علي ـ رضي الله عنه ـ قال: (كان آخر كلام رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم).... (أحمد).
وحذر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من ضرب العبد أو إيذائه، فعن أبي مسعود الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ قال: (كنت أضرب غلاماً لي، فسمعتُ مِنْ خَلْفِي صوتا: اعلم أبا مسعود : لله أَقدر عليك منك عليه، فالتفت فإذا هو رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ،  فقلت: يا رسول الله، هو حر لوجه الله . فقَال: أما إنك لو لم تفعل للفحتك النار أَو لمستك النار)... (مسلم).
بل حض الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ على المعاملة الحسنة لهم، حتى في الألفاظ والتعبيرات، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي، كلكم عبيد الله، وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل غلامي وجاريتي، وفتاي وفتاتي)... (مسلم).
وجعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كفارة ضرب العبد عتقه، فعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (.. من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه)... (مسلم).
كما نهى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن تكليف العبيد والخدم بأعمال شاقة تفوق طاقتهم، أو الدعاء عليهم، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (لا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم)... (البخاري).
وعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قَال: قَال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعةَ نيل فيها عطاء فَيستجيب لكم)... (أبو داود).
وكان - صلى الله عليه وسلم - يوصي أصحابه بالعفو عن إساءة الخدم وخطئهم .. فعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: (جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله كم نعفو عن الخادم؟ فصمت، ثم أعاد عليه الكلام فصمت، فلما كان في الثالثة قال: اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرة)... (أبو داود).
وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإحسان إلى العبيد والخدم، وعدم الاستهزاء بهم، بل وإطعامهم وإلباسهم من نفس طعام ولباس أهل البيت، فعن المعرور بن سويد قال: (لقيت أبا ذر بالربذة (موضع قرب المدينة)، وعليه حُلَّة (ثوب) وعلى غلامه حُلة، فسألته عن ذلك فقال: إني ساببت رجلاً، فعيرته بأمه، فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا ذر أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك  جاهلية، إخوانكم خَوَلُكُم (خدمكم وعبيدكم)، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم)... (البخاري).
ويحدثنا أنس ـ رضي الله عنه ـ خادم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن رحمته ووصيته ـ صلى الله عليه وسلم ـ العملية بالخدم فيقول: (كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أحسن الناس خُلُقا، فأرسلني يوما لحاجة، فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فخرجت حتى أمر على صبيان، وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد قبض بقفاي من ورائي، قال: فنظرت إليه وهو يضحك، فقال: يا أنيس ، أذهبت حيث أمرتك؟ قال: قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول الله ..)... (مسلم).
ويقول: (خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، والله ما سبني سبة قط، ولا قال لي أف قط، ولا قال لي لشيء فعلته: لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلته)... (أحمد) .
ولا شك أن شهادة الخادم لسيده صادقة، وخاصة من رجل كأنس ـ رضي الله عنه ـ، الذي نقل عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الأُمة آلاف الأحاديث، وكان معه كظله ..
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: (ما ضرب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خادما ولا امرأة قَط)... (أبو داود) ..
لقد ترك هذا التعامل أعظم الأثر في نفوس العبيد والخدم الذين اتصلوا بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقد استطاع ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن يأسر قلوبهم ويملك مشاعرهم بسماحة أخلاقه وكريم شمائله، وقصة زيد بن حارثة ـ رضي الله عنه خادم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شاهد على ذلك، فقد عاش زيد في بيته ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وظل يقوم على خدمته ويرعى شؤونه، حتى بلغت الأخبار إلى والده بوجوده عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فانطلق مسرعاً إليه، وطلب من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يرد له ولده، فنظر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لزيد وقال: (إن شئت فأقم عندي، وإن شئت فانطلق مع أبيك، فقال: بل أقيم عندك)... (الطبراني)، فاختار زيدٌ البقاء عبداً مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الرجوع حراً مع أبيه، لما رآه من طيب عشرة وحسن خلق الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..
لقد فتح النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهديه وشرعه الذي جاء به أبواباً متعددة لإخراج العبيد من رقهم إلى سعة الحرية، فكان العتق هو الكفارة الأولى في قتل الخطأ، وفي جماع الرجل زوجته في نهار رمضان، وفي الظهار، وإذا أساء السيد إلى عبده بلطمه فليس لها كفارة إلا عتقه، كما جعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عتق العبيد وسيلة من وسائل للتكفير عن الذنوب والخطايا، وفي ذلك يقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (أيما امرئ مسلم، أعتق امرأ مسلماً، كان فكاكه من النار)... (الترمذي) .
إن مظاهر رحمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد حفلت بها سيرته وحياته، وامتلأت بها شريعته، فرحم الصغير والكبير، والقريب والبعيد، والمرأة والضعيف، واليتيم والفقير، والعبيد والخدم، بل شملت رحمته الحيوان والجماد، وجاء بشريعة كلها خير ورحمة للعباد، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}... (الأنبياء : 107).